السيرة الذاتيه للدكتور محمد داود تواصل مع داود
كتب مقالات حلقات وبرامج إذاعيه وتلفزيونيه رسائل علميه قالوا عن داود حلقات وبرامج إذاعيه وتلفزيونيه
     

ÇÓã ÇáãÞÇáÉ: أهل الحل والعقد
ÇáãÄáÝ: د. محمد داود

أهل الحل والعقد

أهل الحل والعقد هم الجماعة من الناس الذين يُناط بهم اختيار الخليفة ومبايعته، وهو تدبير سياسي إسلامي غير مسبوق سواء في وصفه أو في وظيفته.
ويطلق بعض أهل العلم على هذه الجماعة لفظ «أهل الاختيار»، كما يطلق عليها أحيانًا لفظ «أهل الشورى»، وأحيانًا أخرى لفظ «أهل الاختيار والعقد»، وينبغي أن تتوفر في هذه الجماعة شروط تؤهلهم وتعينهم على صواب الاختيار، وقد أجمل الماوردي في كتابه «الأحكام السلطانية» هذه الشروط بقوله: «فأما أهل الاختيار فالشروط المعتبرة فيهم ثلاثة: أحدها: العدالة الجامعة لشروطها، والثاني: العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها، والثالث: الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو إلى الإمامة أصلح، وبتدبير المصالح أقوم وأعرف».
فهذه الشروط متى توافرت في مجموعة من الأفراد، فإن الأمة تلتف حولهم وترجع إليهم، وتصدر عن آرائهم وتفزع إليهم في مهماتها وملماتها، وتركن إلى اختيارهم وترجيحاتهم، فكان تحقق هذه الشروط فيهم من الضمانات التي تجعلهم مقبولين عند الأمة ومعبِّرين عن إرادتها، وهذه الشروط هي بالنسبة إلى أهل الحل والعقد أنفسهم، وهناك شرط آخر منظور إليه من قِبَل المسلمين، وهو أن يكونوا ممن يسرع الناس إلى موافقتهم وقبول اختيارهم، وهذا يؤدي بنا إلى التعرف على مكانة هؤلاء في مجتمع الناس، وذلك أن الناس لا تسرع إلى موافقة وقبول اختيار إلا من تعلمه وتراه بارزًا مشهورًا مشاركًا في مصالح الناس، وعلى ذلك فإن أهل الحل والعقد ليسوا مجرد أناس عاكفين على العلم و المعرفة منقطعين عن الناس وعن واقع الحياة، فإن هؤلاء أكثرهم مجهول بالنسبة لعموم الناس، فالخامل ـ وإن كان عالمًا ـ الذي لا ذكر له ولا جهد في حركة المجتمع أنَّى ينتبه الناس له!
وإذا كانت وظيفة هذه الجماعة على ما هو مسطور في كتاب الأحكام السلطانية هو اختيار الإمام، فإنه من الممكن أن يضاف لها وظيفة أخرى تناسب ذلك أيضًا، لا سيما أن حدود الولايات وصلاحيتها يؤخذ من لفظ التولية والعرف والأحوال، وهي وظيفة المتابعة والمراقبة لأعمال الخليفة والجهاز التابع له، بغرض الحفاظ على التزام النظام السياسي بالشرع وعدم الخروج عليه، وهذه الوظيفة نجد أسانيدها الشرعية في الكثرة الكاثرة من أدلة القرآن والسنة التي تطلب من المسلمين القيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن الحفاظ على شرعية النظام والتزامه من الأمور البالغة الأهمية.
وهناك ملاحظة أساسية لا بد من إبرازها عند الحديث عن تكوين «أهل الحل والعقد»، وهي أن روح النظام الإسلامي تتطلب ألا يتم تشكيل هذه الهيئة بناءً على قرار تصدره سلطة عليا قاهرة، بل يجب أن تكون هذه الهيئة منبثقة من صفوف الأمة نابعة من اختيارها؛ ذلك أن وظيفتها الأساسية أنها تعكس نبض الأمة وتعبر عن مصالحها، فلا ينبغي أن يتم تشكيلها بقرار يصادم إرادة الأمة، أما عن كيفية اختيار الأمة لأهل الحل والعقد فذلك أمر متروك إلى مقتضيات الأحوال ومتطلبات الأزمنة المختلفة.
والمقابل العصري لأهل الحل والعقد هو ما يعرف بمجلس الشعب أو مجلس الأمة أو الجمعية الوطنية أو البرلمان أو ما أشبه ذلك من التسميات التي تختلف باختلاف البلدان، فلا شك أن وظيفة هذه المجالس تقترب كثيرًا من وظيفة هذه الهيئة الإسلامية المتمثلة في أهل الحل والعقد، فهي تقوم بدور الرقابة على الحكومة، وتسن التشريعات، وتقدم التوجيهات للسلطة التنفيذية، وتقوم بدور مباشر أو غير مباشر في اختيار رئيس الدولة، بل في عزله كذلك.
فليس هناك ما يمنع من أن نختار لأهل الحل والعقد أيَّ اسم عصري متداول ما دامت ممارسات هذه الهيئة تتم في إطار الإسلام، ولكن الجدير بالذكر هنا أن وظيفة هذه المجالس النيابية في ظل النظم الديمقراطية الغربية ليست متطابقة تمامًا مع وظيفتها في ظل النظام الإسلامي.
 


 

 
الاسم:
البريد الالكتروني:
التعليق:
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور محمد داود  ©