السيرة الذاتيه للدكتور محمد داود تواصل مع داود
كتب مقالات حلقات وبرامج إذاعيه وتلفزيونيه رسائل علميه قالوا عن داود حلقات وبرامج إذاعيه وتلفزيونيه
     

ÇÓã ÇáãÞÇáÉ: التغنى بالأمجاد
ÇáãÄáÝ: د. محمد داود

التغنى بالأمجاد

                                                                                                                د. محمد داود

dr.mohameddawood@yahoo.com

 

   مهما تغنينا بأمجاد الماضى وعظمة الأجداد وفضلهم على الدنيا، فإن كل ذلك لا يُعفينا من هول الكارثة التى حلت بنا، بسبب تراجعنا وجمودنا ووقوفنا عند الماضى لا نرى سواه، فلا كان منا الوعى بإشكاليات الحاضر التى نعيشها ألمًا ومعاناة، ولا لدينا رؤية مستقبلية لموقعنا بين الأمم والحضارات.
   نعم اكتفينا بالتغنى بالأمجاد الماضية وكيل الشتائم والسباب لكل من خالفنا أو أراد بنا سوءًا، وكأننا ظاهرة صوتية لا تحسن سوى الكلام، وفسرنا نصوص ديننا تفسيرًا سلبيًا يتفق مع جمودنا وكسلنا وأهوائنا المريضة، تفسيرًا بمنهج العاهات المزمنة، ووقوفنا عند إنجازات أجدادنا جعلنا لا نميز ولا نمحص ولا ننقد ولا نضيف لما فعله الأجداد، فقط علينا أن نتلقى فى تقديسٍ واستسلام! وإنى لأتساءل: هل يرضى أجدادنا وآباؤنا تعطيل عقولنا وعدم استكمال رحلة المعرفة والعلم؟!
   لن يكونوا سعداء بجمودنا وتغييب عقولنا حتى أصبحنا فى موقع التبعية للآخر وذهبت المقدمة إلى من يستحقها ممن أعملوا عقولهم وواجهوا التحديات التى أمامهم.
   ليس العيب فى تراثنا، وإنما العيب فى عقول تبلدت ولم ترقَ لمستوى التوجيه القرآنى العظيم:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر/18].
   العيب فى أفراد منا يتعاملون مع البشر بقوالب جامدة ثابتة من الفهم، فمن وافقهم كان ملاكًا رحيمًا، ومن خالفهم كان شيطانًا رجيمًا! وقد ضرب النبى صلى الله عليه وسلم مثلاً قاسيًا لمن يتبع الشر ويترك الخير، فقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الذى يسمع الحكمة ويتبع شر ما يسمع، كمثل رجل أتى راعيًا فقال له: أجزرنى شاةً من غنمك، فقال: اذهب فخذ بأذن خيرها شاةً. فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم".لقد ترك هذا الرجل سائر الغنم، ترك ما يصلح للذبح والأكل، وأخذ ما لا يصلح، وهذا لونٌ من الضلال فى الاختيار.
   والقرآن الكريم علَّم المؤمن أن يتغيا التى هى أحسن، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء/ 9].
كما عاب القرآن على من اتبعوا آباءهم على غير علم وعلى غير هدى. رحم الله آباءنا، أدوا دورهم، لكننا تخلفنا عن مستوى عظمتهم ولم نواصل رحلة المعرفة، ولم نحافظ على المقدمة بين الأمم.
   ماذا ستقول للأجيال القادمة عنا حين ترانا قد تقوقعنا وتخلفنا وغُيبت عقولنا عن آمال حاضرنا واكتفينا بالتغنى بأمجاد الماضى؟!

 

{وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}


 

 
الاسم:
البريد الالكتروني:
التعليق:
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع الدكتور محمد داود  ©